الخميس، 30 يونيو 2011

قـيادة المرأة للسيارة في إطـارها الشرعي والنظامي

عبدالكريم عثمان فـادن
من الناحية الفقهية.. فإن أفعال العِباد عادة تدخل إمَّا تحت باب العبادات (التوقيفية)، وإما تحت باب العادات. هذا... والأصل في العبادات التوقيفية هو الحُرمة إذا لم يرد فيها دليل شرعي، بينما الأصل في العادات مثل (التجارة، والصناعة، والزراعة، وقيادة السيارات وغيرها) هو: الإباحة... لكن يتفاوت هذا الحكم عند تعيين العادة (المطروحة للنقاش أو‎ الدراسة) حسب ذاتها أو مآلاتها أو المعنيين بها، أو لكل هذه العوامل والأسباب أو بعضها... ويتراوح فيها هذا الحكم بين الإيجاب والسلب تنازُليًّا من: الوجوب إلى الاستحباب فالجواز فالكراهة فالْحُرْمَة.  لذلك في قضايا العادات التي قد تعم بها البلوى، فإن مسؤولية الفتوى تقع على عاتق (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة) (التي تقوم باستيفاء حقها من الدراسة مع جميع الجهات الفنية المعنية وذات العلاقة في الدولة) حتى تتوفر لديها القدرة والصلاحية اللازمة في تقدير المصالح والمفاسد المترتبة على ممارسة العادة المطروحة للفُتْيا. (وفي حالتنا هذه: عادة أو قضية قيادة المرأة للسيارة، ومدى توفر الاستعدادات والإعدادات اللازمة لسلامة وسلاسة ممارسة المرأة لقيادة السيارة، والواجب توفيرها قبل الترخيص لها بالقيادة، بحيث تكون حينئذ المصالح المتحققة أرجح من المفاسد)...
ففي ضوء ما تقدم... فإن الدولة لا شك أنها:
1) إذا وجدت المصالح أرجح من المفاسد، فسوف تقوم بإصدار الترخيص للمرأة بقيادة السيارة.
2) أما إن رأت المفاسد ترجح على المصالح والمنافع، فإنها سوف تُعَمِّد الجهات المعنية بالعمل على اتخاذ الترتيبات والإجراءات المناسبة لدرء هذه المفاسد وترجيح المصالح حسب مُقتضى القاعدة الشرعية التي تنص على أن (درء المفاسد مُقَّدمٌ على جلب المصالح)؛ ذلك لأنه بات في حكم المؤكد أن مفاسد استخدام السائقين الأجانب الموفدين تتفاقم مع مرور الزمن، واتساع المدن وتزايد ازدحامها، وتعدد الدوائر والمدارس والجامعات، وتباعد المسافات فيما بينها من جهة، بينما من جهة أخرى فإن أولياء أمور العائلات خلال وقت الدوام الرسمي مُداومون في دوائرهم، لا يستطيعون معه تلبية مطالب توصيل أولادهم إلى مدارسهم وجامعاتهم، أو قضاء احتياجاتهم المنزلية وغيرها، كما أن هذه المفاسد لها آثارها العميقة وخطورتها في نسيج الأسرة والمجتمع بما يستوجب استئصال شأفتها.

أين حق المرأة في وسيلة نقل؟

د.عائض الردادي
لم يكن غريباً على مجتمعنا ما يشهده من سجال حول قيادة المرأة للسيارة فقد اعتدنا على ذلك في عدة أمور، منها تعليم المرأة الذي وقف ضده فئة من المجتمع لعادات موروثة ثم ما لبثوا بعد سنوات أن صاروا يطالبون بفتح مدارس، ولولا موقف الدولة الحازم لحرمت المرأة من التعليم فلا نجد اليوم المعلمة والطبيبة وأستاذة الجامعة وغيرها، بل إن الأمر واجه تعليم البنين فهناك من وقف ضد فتح مدارس البنين اعتقاداً منه بكفاية حلقات المساجد، وهناك من وقف ضد تدريس المواد العلمية.
قيادة المرأة للسيارة ليست أمراً كبيراً، وكانت المرأة تمتطي البعير، ولم يمانع الأسلاف من ذلك، ولكن الأمر يعود لمعارضة فئة من المجتمع لكل جديد، وتبني معارضتها على توقعات ثم تبني على توقعات نتائج تؤدي بها للمنع، فهم يرون أن قيادة المرأة تؤدي إلى الفساد الأخلاقي وهو توقع أو احتمال، لا يمكن منعه لو منعت القيادة، وهو من ظن السوء بالنساء، وهن مواطنات ذوات عفة وكرامة رضعنها من الأمهات وأورثها لهن الآباء، وقبل ذلك ما في صدورهن من دين، فالمقدمات غير صحيحة ولذا فإن النتائج المبنية عليها غير صحيحة، بل إن التنقل مع سائق أجنبي أو الركوب مع سائق سيارة أجرة أكثر احتمالاً من قيادة المرأة لسيارتها.
قيادة المرأة للسيارة لم تكن قضية من قضايا التطور الحضاري في النقل إلا عندنا، وقد اعتاد مجتمعنا على ذلك إلى أن ينتهي المخاض بإقرار ما دار حوله الخلاف، وقد يأخذ ذلك زمناً قصيراً أو طويلاً، ولكنه في النهاية سيكون، وسيسعى المعارضون إليه مثل المطالبين به، هل تذكرون الجوَّال المصوِّر وما دار حوله من خلاف وهو الآن في يد كل الناس رجالاً ونساء.
قيادة المرأة للسيارة وسيلة وليست غاية والمرأة تريد وسيلة توصلها لعملها، وإلى المكان الذي ترغب الوصول إليه، وإذا وجدت هذه الوسيلة الآمنة فإن قيادة المرأة ليست غاية في ذاتها، ولو وجد نقل عام بحافلات أو قطارات داخل المدن وخارجها فإن المرأة ستجدها أيسر لها من السيارة الخاصة من جميع الوجوه، ولم تعد بحاجة لسائق أجنبي أو ترجٍ لابن أو أب أو أخ أو زوج لإيصالها وبخاصة في المواقف الصعبة كالمستشفى أو الأوقات المتأخرة، ولو وجدت طالبات الجامعات نقلاً عاماً لما احتجن لأرتال السيارات التي تزدحم بها الشوارع، ولما مات مئات المدرسات في حوادث الطرق، ولما احتاجت دكتورة الجامعة أن تستقدم سائقاً أمياً أجنبياً ليوصلها إلى الجامعة أو المستشفى أن كانت طبيبة مع أن قيادتها بنفسها أسلم لها من كل الوجوه.
كل ما قرأته من الممانعين لا يزيد عن افتراضات، منها ماذا لو بنشرت السيارة مثلاً، وكل ما قرأته من المطالبين لم يتطرق لحاجة المرأة بقدر رؤيتهم أن ذلك نوع من التطور أو المجاراة للآخرين، أما حق المرأة في التنقل بوسيلة آمنة فذلك ما لم يتطرق له السجال الذي هو في غالبه تعبير عن رأي أكثر منه مناقشة لحاجة المرأة للنقل وإيجاد البديل في حالة المنع، أما تقليل السائقين الأجانب من جانب المطالبين والحفاظ على أخلاق المرأة من المعارضين فذلك توقع لن يقدم للمرأة شيئاً في حل قضية حق إنساني وهو حقها في النقل، فقيادة المرأة إن كانت لذاتها فهذا شيء وإن كانت علاجاً لحاجتها كالعلاج من المرض فهذا شيء آخر لم يتناوله المتحاورون ولم نخرج بنتيجة في شأن إيجاد وسيلة نقل للمرأة تؤدي لها الحق الإنساني في النقل دون منّة من الآخرين أو حاجة للاعتماد عليهم.
IBN-JAMMAL@HOTMAIL.COM

هل تنتظر المرأة 1000 عام؟!


الثلاثاء, 28 يونيو 2011
خالد السعيد
إن من يتأمل ماضي وحاضر المجتمع السعودي منذ توحيد البلاد على يد الملك عبدالعزيز– طيب الله ثراه – سيخرج بقناعة ملخصها أن رياح التغيير التي طالت بنية هذا المجتمع الفكرية كانت دوماً تهبّ من الأعلى وليس من الأسفل. وباعتقادي الخاص، لولا جرأة المسؤول السعودي ورؤيته البعيدة لبقي المجتمع غارقاً حتى اليوم في دياجير الظلمة والجهل. طيف كبير من المجتمع السعودي إجمالاً، باستثناء نسبي للبعض، مكتفٍ بذاته، ومتقوقع على نفسه، ومتوجس من الآخر.
غير أننا يجب ألاّ نغفل دور الخطاب الديني (ولا أقول الدين) في تمتين جدران الخوف وبناء متاريس العزلة عن العالم الخارجي بما فيه من أفكار وسلوكيات وفلسفات ونظم وتقنيات خوفاً من اضطراب مياه المجتمع الآسنة والراكدة منذ قرون!
ارجع بذاكرتك إلى الوراء: من كان وراء دخول السيارات وبناء الطرق؟ ومن كان وراء البث التلفزيوني والإذاعي والاتصالات السلكية واللاسلكية؟ ومن كان وراء إدخال المناهج غير الدينية؟ ومن كان وراء تعليم الفتاة؟ ومن كان وراء البعثات الدراسية في الخارج؟ ومن كان وراء التصريح بالأنشطة البنكية التقليدية وعمليات التأمين؟ ومن كان وراء السماح بإدخال الأطباق الفضائية وأجهزة الاستقبال؟ ومن كان وراء إقامة جامعة الملك عبدالله؟ ومن كان وراء الموافقة على مشاركة المرأة في الانتخابات البلدية المقبلة؟ ومن كان وراء تأنيث وسعودة المحلات النسائية؟ اترك الإجابة لك، فأنت تعرفها جيداً!
لك أن تتخيل معي حال البلاد لو تماهى النظام الحاكم مع الإرادة المتخوفة، أو لنقل الصمت الشعبي، ولم يصر على إدخال تلك التغييرات والدفع بها. تخيل معي صورة تلك البلاد المترامية الأطراف والظلام يلفها والجهل يلوكها! تخيل كيف سيكون حال هذه البلاد بلا تقنيات «الغرب الكافر»! تخيل معي حال أمك وزوجتك وأختك لو بقين حبيسات الدار وأسيرات الأمية والجهل، تخيل نفسك لو بقيت معلوماتك عند حدود نواقض الوضوء ومبطلات الصيام في شهر رمضان وأحكام التعامل مع أهل الكتاب. أي فرق سيكون بيننا وبين «عصابات» طالبان الإرهابية؟!
في البلدان الأخرى، المطالبة بالتغيير تأتي من أسفل الهرم فيما الممانعة تأتي من أعلى الهرم، أما هنا، فالأمر يبدو مقلوباًً تماماً! هل نحن بصدد ما يعرف بما يسمى «الخصوصية السعودية»؟ معظم شرائح المجتمع لا تعرف ما تريد بالضبط، إنها مفتتة ومنقسمة على نفسها: هل هذا حلال أم حرام؟ هذا السؤال الأزلي الذي تلتف حوله وتتقاتل عليه، نقاشاتها المستهلكة وجدالاتها العقيمة تسير في خطوط أفقية وليس إلى أعلى، مثل هؤلاء لا يملكون تصوراً واضحاً وفكراً ناضجاً، وفوق هذا لا يملكون صوتاً يستطيع أن يصل إلى فوق.
ما بين قاعدة الهرم وقمته ينتصب التيار الديني همزةَ وصل، الممانعة والمقاومة لا تصدر في الغالب إلا عن تلك الطبقة المتشككة في كل ما هو جديد وما ليس له مكان تحت ظلال كتاب الله العظيم وسنة رسوله الكريم، كل محاولات التغيير والتحديث محكوم عليها بالخروج إلى النور بعد مخاضات عسيرة ومكابدات طويلة. إن أكثر ما يدعو إلى العجب أن كل تلك «اللاءت» المبدئية والمخاوف الأزلية ستتلاشى وتذوب كخيط دخان بمرور الوقت وكأن شيئاً لم يكن! إن الذين قالوا لا لتعليم الفتاة هم الآن أكثر حرصاً على تعليم بناتهم، والذين قالوا لا للقنوات الفضائية، هم اليوم أكثر الناس تزاحماً لاستعمار الفضاء والإطلالة على جماهيرهم ومريدهم.
شخصياً، أنا مؤمن وبشدة بأن القيادة هي من يجب أن تقود قطار التغيير، ولو ترك الأمر للمجتمع ليعزم أمره ويتخذ قراره فلن نبرح مكاننا ولو خطوة إلى الأمام. ولو أن تعليم البنات وغيرها من القضايا التي حسمتها القيادة تُركت للمجتمع ليقول بشأنها كلمته لظللنا نتبادل النقاشات والاتهامات إلى هذا اليوم وربما إلى قيام الساعة!
إذا كنا سنعوّل على المجتمع فمن المؤكد أن المرأة لن تنال هذا الحق ولا بعد 1000 عام!
alinsan_awalan@yahoo.com