الخميس، 30 يونيو 2011

هل تنتظر المرأة 1000 عام؟!


الثلاثاء, 28 يونيو 2011
خالد السعيد
إن من يتأمل ماضي وحاضر المجتمع السعودي منذ توحيد البلاد على يد الملك عبدالعزيز– طيب الله ثراه – سيخرج بقناعة ملخصها أن رياح التغيير التي طالت بنية هذا المجتمع الفكرية كانت دوماً تهبّ من الأعلى وليس من الأسفل. وباعتقادي الخاص، لولا جرأة المسؤول السعودي ورؤيته البعيدة لبقي المجتمع غارقاً حتى اليوم في دياجير الظلمة والجهل. طيف كبير من المجتمع السعودي إجمالاً، باستثناء نسبي للبعض، مكتفٍ بذاته، ومتقوقع على نفسه، ومتوجس من الآخر.
غير أننا يجب ألاّ نغفل دور الخطاب الديني (ولا أقول الدين) في تمتين جدران الخوف وبناء متاريس العزلة عن العالم الخارجي بما فيه من أفكار وسلوكيات وفلسفات ونظم وتقنيات خوفاً من اضطراب مياه المجتمع الآسنة والراكدة منذ قرون!
ارجع بذاكرتك إلى الوراء: من كان وراء دخول السيارات وبناء الطرق؟ ومن كان وراء البث التلفزيوني والإذاعي والاتصالات السلكية واللاسلكية؟ ومن كان وراء إدخال المناهج غير الدينية؟ ومن كان وراء تعليم الفتاة؟ ومن كان وراء البعثات الدراسية في الخارج؟ ومن كان وراء التصريح بالأنشطة البنكية التقليدية وعمليات التأمين؟ ومن كان وراء السماح بإدخال الأطباق الفضائية وأجهزة الاستقبال؟ ومن كان وراء إقامة جامعة الملك عبدالله؟ ومن كان وراء الموافقة على مشاركة المرأة في الانتخابات البلدية المقبلة؟ ومن كان وراء تأنيث وسعودة المحلات النسائية؟ اترك الإجابة لك، فأنت تعرفها جيداً!
لك أن تتخيل معي حال البلاد لو تماهى النظام الحاكم مع الإرادة المتخوفة، أو لنقل الصمت الشعبي، ولم يصر على إدخال تلك التغييرات والدفع بها. تخيل معي صورة تلك البلاد المترامية الأطراف والظلام يلفها والجهل يلوكها! تخيل كيف سيكون حال هذه البلاد بلا تقنيات «الغرب الكافر»! تخيل معي حال أمك وزوجتك وأختك لو بقين حبيسات الدار وأسيرات الأمية والجهل، تخيل نفسك لو بقيت معلوماتك عند حدود نواقض الوضوء ومبطلات الصيام في شهر رمضان وأحكام التعامل مع أهل الكتاب. أي فرق سيكون بيننا وبين «عصابات» طالبان الإرهابية؟!
في البلدان الأخرى، المطالبة بالتغيير تأتي من أسفل الهرم فيما الممانعة تأتي من أعلى الهرم، أما هنا، فالأمر يبدو مقلوباًً تماماً! هل نحن بصدد ما يعرف بما يسمى «الخصوصية السعودية»؟ معظم شرائح المجتمع لا تعرف ما تريد بالضبط، إنها مفتتة ومنقسمة على نفسها: هل هذا حلال أم حرام؟ هذا السؤال الأزلي الذي تلتف حوله وتتقاتل عليه، نقاشاتها المستهلكة وجدالاتها العقيمة تسير في خطوط أفقية وليس إلى أعلى، مثل هؤلاء لا يملكون تصوراً واضحاً وفكراً ناضجاً، وفوق هذا لا يملكون صوتاً يستطيع أن يصل إلى فوق.
ما بين قاعدة الهرم وقمته ينتصب التيار الديني همزةَ وصل، الممانعة والمقاومة لا تصدر في الغالب إلا عن تلك الطبقة المتشككة في كل ما هو جديد وما ليس له مكان تحت ظلال كتاب الله العظيم وسنة رسوله الكريم، كل محاولات التغيير والتحديث محكوم عليها بالخروج إلى النور بعد مخاضات عسيرة ومكابدات طويلة. إن أكثر ما يدعو إلى العجب أن كل تلك «اللاءت» المبدئية والمخاوف الأزلية ستتلاشى وتذوب كخيط دخان بمرور الوقت وكأن شيئاً لم يكن! إن الذين قالوا لا لتعليم الفتاة هم الآن أكثر حرصاً على تعليم بناتهم، والذين قالوا لا للقنوات الفضائية، هم اليوم أكثر الناس تزاحماً لاستعمار الفضاء والإطلالة على جماهيرهم ومريدهم.
شخصياً، أنا مؤمن وبشدة بأن القيادة هي من يجب أن تقود قطار التغيير، ولو ترك الأمر للمجتمع ليعزم أمره ويتخذ قراره فلن نبرح مكاننا ولو خطوة إلى الأمام. ولو أن تعليم البنات وغيرها من القضايا التي حسمتها القيادة تُركت للمجتمع ليقول بشأنها كلمته لظللنا نتبادل النقاشات والاتهامات إلى هذا اليوم وربما إلى قيام الساعة!
إذا كنا سنعوّل على المجتمع فمن المؤكد أن المرأة لن تنال هذا الحق ولا بعد 1000 عام!
alinsan_awalan@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق