الأحد، 31 يوليو 2011

أليس هنالك حل في الأفق لشقائقنا!

نحن في عام 2011 ولم نستطع أن نحل معضلة المرأة. أهي إنس، جان، شيطان أو فاسدة. نضع القيود والسلاسل ونضع للقيود والسلاسل قيودا وسلاسل أخرى حتى المرأة لا تفسد ولا تطير. لماذا هذه النظرة الدونية ولماذا هذا الاستبداد وكأننا نتعامل مع عضو غير صالح في المجتمع. المرأة يا سيدي هي الأم والأخت والزوجة والبنت والخالة والعمة، فهل كل هؤلاء مفسدون. لماذا لا نعطيها أبسط حقوقها، وهي التي نحتاجها لتربية أبنائنا ولتعليمهم ولتطبيبهم. كل نظراتنا نظرات شؤم حتى تركنا المرأة تذيق المرأة الأخرى أصناف العذاب وما حدث في جامعة أم القرى ليس ببعيد. إنها النظرة الدونية يا سادة، ولو ننظر في تاريخنا الإسلامي لوجدنا أمثلة تدل على سمو فكر وعزة المرأة. هل تريدون أن نرجع للعهد الجاهلي ونوئدهن وكم من فتاة تريد ذلك حتى لا تعيش الضيم والجور والظلم.
إحدى عضوات هيئة التدريس في إحدى الجامعات أضرب سائقها عن العمل ولم تستطع أن تقدم الاختبار النهائي للطالبات، أليس من الأجدى أن تقود سيارتها بنفسها. وكم سمعنا وسمعنا عن ما تتعرض له النساء والفتيات من التحرش من قبل السائقين. إلى متى ونحن ندفن رؤوسنا في الرمال ونقول لدينا خصوصية. لماذا هذا المجتمع الذكوري المتحكم في حياة إنسان بشر.
أليس للمرأة عقل أليس لها دين وفوق كل ذلك رب كريم عطوف. لماذا نفكر أننا نحن الأفضل وليس هناك من يفوقنا. إننا لاندعو للسفور ولكن ندعو لمعاملة نسائنا بما يرضي الله وهذا بإعطائها أبسط حقوقها. المشكلة في المجتمع ولا بد من تغيير أفكاره بتطبيق قوانين تحمي المرأة، ولوفكرنا أنه بالإمكان تغيير هذا المجتمع الذكوري ووضعه على القمر لأخذ معه تلسكوبا لينظر للمرأة من هناك ليحد من تحركاتها. ياسادة المرأة أصبحت معلمة وطبيبة وموظفة ولكن ذلك لم يمنع ضعاف النفوس من أكل راتبها وقبل ذلك أكل إرثها بالقوة أو بالعيب.
أعطوهن حقوقهن كما أعطتهن الدوله مجالات شتى لدراستهن ولعملهن ومنها الابتعاث الذي سوف بإذن الله يكون مردوده كبيرا لبلدنا. ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.
د. عبدالله الطيب بن سعد المليص

السبت، 30 يوليو 2011

عنق الزجاجة

هالة الدوسري
لا يوجد شيء يعكس طبيعة التعامل الرسمي والاجتماعي المتردد في تعاطيه مع قضايا المرأة بفعالية وحسم كما تعكسه قضية عبورها من المقعد الخلفي في السيارة إلى المقعد الأمامي، وهي قضية على بساطتها وبديهيتها استهلكت أكثر من عشرين عاماً من المطالبات والاعتراضات حتى انتهينا اليوم من حيث بدأنا، فبالرغم من عدم وجود خلفية دينية ثابتة ولا مبرر منطقي لاستمرار اعتماد امرأة قادرة وراشدة على رجل ما للحركة تبقى القيادة ممنوعة رسمياً، وتأتي فتوى دينية قديمة لتصبح مرجعاً رسمياً لسياسات الدولة، و تتحدد بواسطتها خريطة الطريق لملايين النساء السعوديات.
الفتاوى الدينية غير الملزمة شرعاً حول قضايا النساء تتحول مع الترديد والاعتياد إلى ثوابت تحمل درجة اليقين، وهي فتاوى مبنيّة على رؤية لا تخرج عن اعتبار المرأة فتنة و أن إخفاءها و ارتباط ممارساتها اليومية بولي رجل هو أولوية اجتماعية ودينية في التخطيط لقضايا النساء، و مع مرور الوقت يترسّخ في وعي الناس مفردات مرتبطة بهذه الفتاوى لتبرر واقع الإقصاء و إعاقة النساء بدلاً من حل إشكاليتهن الحياتية، مفردات مثل «الاختلاط» و»العورة» و»ثوابت الدين» و»التغريب» و»الخصوصية» و»ترتيب الأولويات في حقوق المرأة» و غيرها، مما يضعنا أمام معضلة تنمية مجتمع قادر وكامل إن حذفنا نصف المجتمع من المعادلة و تركناه رهن إرادة النصف الآخر، خارطة الطريق الموضوعة للمرأة السعودية باختصار تخدم رؤية وحيدة فقط للمرأة تفترض وجود ذكر قادر لكل امرأة يقوم على شؤونها كافة، وتفترض أن انسحاب المرأة من الحياة العامة للحياة الخاصة هو الضمان ضد الفتنة لحماية الرجال في الفضاء العام الحصري لهم، والفتوى الصادرة عن الشيخ (بن باز) حول القيادة و التي بنت عليها الجهات الرسمية قرار منع القيادة للنساء تصب في المعنى نفسه، حيث تنص الفتوى على التالي: «معلوم أن قيادة المرأة تقود إلى مفاسد منها: الخلوة المحرمة بالمرأة، ومنها السفور، ومنها الاختلاط بالرجال بدون حذر، ومنها ارتكاب المحظور الذي من أجله حرمت هذه الأمور، والشرع المطهر منع الوسائل المؤدية إلى المحرم واعتبرها محرمة، وقد أمر الله جل وعلا نساء النبي ونساء المؤمنين بالاستقرار في البيوت، والحجاب، وتجنب إظهار الزينة لغير محارمهن لما يؤدي إليه ذلك كله من الإباحية التي تقضي على المجتمع».تطرح الفتوى مجموعة فرضيات على أنها مسلّمات، و تعتبر وجود المرأة في الفضاء العام مقدمة مفترضة لكل المفاسد، بالرغم من حدوث المفاسد بلا قيادة للسيارة فلا تعتبر القيادة في حد ذاتها مسبباً، كما أن اعتبار ظروف المرأة المختلفة غير واردة في إطلاق الفتاوى، و كنت أتابع على الشبكة الاجتماعية حوارا بين سيدة مطلقة و أم لطفل صغير مع أحد العلماء حول مسألة القيادة وعناءها اليومي في المواصلات لعملها و مشاويرها، اعتبرت السيدة أن بحثها عن سائق خلال ساعات الليل لتوصيل طفلها للمستشفى أمر أكثر خطورة من قيادتها لسيارتها في أمان، بينما كان الشيخ مصرا على أنها ككل امرأة لن تعدم رجلا يقوم على شؤونها، وعندما أقسمت له على عدم توفر أي رجل لخدمتها دعا لها أن يرزقها الله الزوج الصالح عما قريب، هذا المنطق المحدود في النظر لأمر بسيط كالقيادة يثير التساؤل حول مرجعية الفتاوى كمصدر صالح لصنع سياسات الدولة وتمكين أفرادها، ومن المفارقة أن يفتي الشيخ أحمد بن باز بإباحة القيادة ليعكس بذلك فتوى والده السابقة، و ليؤكد بذلك أن الفرضيات التي تبني عليها الفتوى مسار المرأة السعودية في كافة المجالات ليست وحيا منزّلا بل فرضيات قابلة للنفي أو الإثبات، ومنطقيا لا يمكن ربط مسبب ما كالاختلاط بنتيجة كالإباحية بلا إثبات، الاختلاط كمفهوم اجتماعي موجود منذ القدم وهو أمر أساسي في كل المجتمعات وحتى في الشعائر الدينية من صلاة و حج بلا نص يمنعه، كما أنه يحدث يوميا على أي حال سواء بوجود المرأة في السيارة مع سائق أو وجودها وحدها، ولا يمكن أن نتوقع أن لا تخرج امرأة من منزلها طوال حياتها لأي سبب كان منعا لاختلاطها في الفضاء العام بالرجل، والنساء في الهجر والقرى والعالم كله يمارسن القيادة بلا نتائج إباحية، و رجل المرور في تعامله مع السائقات كالقاضي الذي ينظر في قضايا النساء وكالطبيب الذي يعالجهن وكرجل الإطفاء الذي ينقذهن وكالموظف الذي يبحث معاملاتهن في كل مطار أو مكان عام، أما افتراض بقاء النساء رهينات للفضاء الخاص أو خلق فضاء نسائي حصري مواز للفضاء الذكوري العام ليمارسن فيه شؤون الحياة فهو أمر خيالي ولا يمكن تطبيقه كسياسة شاملة ودائمة للدولة لا اقتصاديا و لا اجتماعيا، و سياسة العزل الصارم بين الجنسين بدأت مع تشكيل المدن في الدولة السعودية الحديثة ورسّختها صناعة السياسات العامة في الدولة، وفي بحث نشر مؤخرا «للنساء فقط: النساء و الدولة و الإصلاح في السعودية» استعرضت أميلي لو رينارد تاريخ البدء بسياسة عزل النساء و خلق فضاءات عامة نسائية فقط كاشتراط لحصولهن على التعليم أو العمل، مما أدى لصعوبة حصولهن على المناصب الإشرافية العامة أو في صياغة السياسات المدنية عموما. عدم وجود النساء في الفضاء العام يسهم في صعوبة منحهن حقوقهن كلها بداية من القيادة وانتهاء بالتمثيل السياسي، فلم يعتد عموم الناس على التعاطي مع المرأة ككائن مستقل و مسؤول، أما نتيجة تطبيق خارطة الطريق العازلة للجنسين فيمكن قراءتها من مصدرين هامين، تقرير التنمية البشرية السعودي و نسبة المشاكل الأسرية في المحاكم، يذكر تقرير التنمية المنشور على موقع الأمم المتحدة للعام 2010 و الذي استخدم واضعوه إحصائيات العام 2008 أن الفرق في التنمية بين النساء و الرجال يضع السعودية في الترتيب 128 من بين 138 دولة أو في أدنى القائمة العالمية، والمعيار هنا مبني على فرص التعليم و المشاركة في العمل و معدّل وفيّات النساء أثناء الولادة، في السعودية تصل نسبة التعليم العالي للإناث النصف تقريبا مقارنة بالستين في المائة للرجال، و هناك 18 سيدة تموت أثناء الولادة لكل مائة ألف ولادة لطفل حي، كما أن 22% فقط من النساء يعملن مقارنة بما نسبته 82% من الرجال السعوديين، و لا تشغل المرأة أي منصب سياسي أو عام، و بحسب وزارة العدل السعودية فإن 60% من القضايا هي قضايا أسرية، فلا يمكن بعدها افتراض أن كل امرأة لها رجل ما ليقوم على شؤونها و لها فرصة عمل كريمة، حجب الثقة عن النساء لا يسهم سوى في ترسيخ ضعف المجتمع، حيث لا يمكن خلق مجتمع قادر وتمكينه بينما يبقى نصفه مكبلا، فلنحرر نصف المجتمع من عنق الزجاجة حتى يحرر النصف الآخر من وهم المرأة الفتنة والمرأة العاجزة،

خلف المقود

احمد الشرواني
حين يتعلق الأمر بقيادة السيارة فالقضية هنا ليست مجرد الجلوس خلف المقود فحسب وإنما ستتاح إثرها حرية الحركة وسهولة التنقل وزوال السلطة الذكورية والتحرر من أشكال الرقابة والوصاية والحماية المُدّعاة ،
 وهذا الأمر سيدفع عجلة التنمية الوطنية إلى الأمام ، فالمرأة مهما طال بها الوقت أو قَصُر لا بد لها وأن تطالب بفسح المجال لها في الدوائر الحكومية أو غير الحكومية لتقوم بدورها التنموي والحضاري، لتتوازن الكفة، وتتحقق مكتسبات الصالح العام. قيادة المرأة ليست غاية لذاتها وإنما تنذر بدور تنموي وسيل جارف من الإصلاحات والعمل الذي سيتبع هذه الخطوة ، فالوطن ليس مكاناً للرجل فحسب وليس قانونا يرى بعينٍ واحدة أو يتنفّس برئةٍ واحدة ،
 وعلى إثر هذا الإجراء ستتجه العلاقة بين الرجل والمرأة إلى مرحلة التوازن، وستتشكل الثقافة الجمعية وتُعاد صياغة مواقفها فيما يتعلق بمواطن القوة والضعف لكلا الطرفين ، وليس الأمر في صالح طرف دون الآخر فكلاهما مستفيد،
 ومن المؤسف جداً أن تكون بعض الاجتهادات الدينية هي الحائل دور هذا التقدم المنشود ولربما أنذر هذا التأخير بعواقب وخيمة، وتنجم عن تردٍّ وخسائر على النطاق الوطني، ولابد لنا أن ندرك قبل أن نتحدث عن أي حق إنساني ليس خاضعاً لأشكال التمايز العنصري ضد المرأة. كما أن المرأة قبل أن تكون أماً أو أختاً أو زوجةً فهي ستظل إنساناً كامل الأهلية والخصوصيةِ،
 فالرجل، ولفترةٍ طويلة، اتخذ عنها كل القرارات إلى أن بلغ بها الحال ما بلغ من التردّي وسوء الحال وآن الأوان لأن يقرّر هذا الإنسان مصيره بعيدا عن وصاية الرجل وقيوده المفروضة عليه دون سائغ

شارعٌ للرجال وآخر للنساء


ريهام زامكة
الموقع: إحدى بوابات مركز تجاري في جدة، يقف عليها رجلا أمن (غلاظ شداد) لا يعرفون من واجبات ومهام وظيفتهم سوى (للعوائل فقط) وممنوع دخول الشباب، ممنوع ممنوع ممنوع!
أحد الشباب مخاطباً رجل الأمن راجياً: دعني أدخل أرجوك، أهلي في الداخل، أرجوك، أرجوك، يرددها كثيرا ذلك الشاب، وسط رفض قاطع وحازم من رجل الأمن الذي يزجره حيناً ويومئ برأسه حيناً آخر،
 ويتدخل من هناك شاب آخر وبتحدٍ مخاطباً هذا الشاب: يا رجل اذهب وأحضر أي (بائعه متجولة) وقدم لها مقابلاً بسيطاً وستدخل، أهم شي تكون لابسة عباءة.لا تقلق فقد فعلتها كثيراً..
 بل إن هناك بعض الفتيات اللاتي يمتهن “إدخال الشباب”!الممعن النظر في مثل هذه الواقعة يعي أننا نعاني من أزمة مزدوجة على الصعيدين الأخلاقي والتنظيمي، بمعنى أننا نمارس كل أشكال الفصل القسري بين الجنسين،
 بدءا من المنزل والمدرسة، وصولا إلى الفصل في المراكز التجارية والشركات وغيرها، حتى بات الإنسان السعودي يعاني أشد حالات الخوف من الجنس الآخر والعكس صحيح،
 ولو أخذنا الموضوع من الناحية التنظيمية فالحل بسيط ويتلخص في أن يبدل رجال الأمن مواقعهم بدلا من أن يكون الوقوف أمام البوابات لحراستها من الشباب ليكونوا متواجدين في داخل المركز التجاري نفسه ليقوموا بالتعامل مع حالة معاكسة أو تحرش ويسن قانون داخلي خاص بتلك المراكز بتوقيع غرامات مالية على المعاكسين وإبلاغ الشرطة في أي حالة تستوجب تدخلهم.
وبما أني دخلت في هذا الموضوع من “بوابة العائلات” دعوني أحكي لكم عن حادثة قرأتها لدكتور أمريكي مُنع من دخول أحد المجمعات التجارية هو وابنه الصغير وقد رأى فتاتين أعمارهما لاتتجاوز 17 عاما تدخلان أمام عينيه للمُجمع،
 فصاح برجل الأمن قائلاً: أنا وابني عائلة، وهو يحمل نفس فصيلة دمي، لكن هاتان الفتاتين الداخلات والخارجات دمائهن مختلفة، وأنت تصرخ (للعوائل فقط)؟! وأنا أرى أنه قد أصبح (للنساء فقط) وانصرف بعدها.تساءلت كثيراً ماذا لو كنت شابا وأردت يوماً أن أتسوق؟! هل من اللازم أن أفعل مثلما يفعل غالبية المراهقين: البحث عن (عباءة) تمنحني تصريحا للدخول بدون مشاكل!
لا أعلم صدقاً لماذا ننمي ثقافة الشك في نفوس أبنائنا، وبدلاً من أن نربيهم على الثقة والفطرة الصحية السليمة! ولا نتبنى فكرة وجوب الفصل بينهم وبين الجنس الآخر، وكأن كلاً منهم من كوكب آخر، يتآكلون إن اجتمعوا،
 ولا يجوز أن نجمع بينهم حتى في المراكز والمجمعات التجارية والشركات وغالبية الأماكن العامة التي هي من حق الجميع.
وكأن المجتمع يطبق قاعدة العقيد القذافي (للمرأة حق التسوق سواءً أكانت ذكرا أم أنثى)!الشك غريزة سلوكية إنسانية مثلها مثل الثقة والأمل والخوف والشجاعة, والغرائز تنمو دائماً مع حاجات الإنسان الأساسية في الحياة,
 وتضمن له توازنه وعيشه السليم, مثل الغرائز الجسدية كالجوع والعطش والشبع لتضمن له سلامته وبقاءه على قيد الحياة. وغرائز الإنسان مفاتيح أمانه وإن فقدت قيمتها قد تنعكس سلباً عليه إذا زاد الأمر عن حده الطبيعي.
أخشى ما أخشاه أن يأتي اليوم الذي نسمع فيه عن تخصيص شارع للرجال وشارع آخر للنساء مع كل هذا الهوس الجنسي وبمباركة من “باب سد الذرائع” الذي لا ينتهي

الجمعة، 29 يوليو 2011

قيادة المرأة للسيارة ( بين الذرائع و الحقوق )

يعتبر الإفراط في التعامل مع قاعدة ( سد باب الذرائع ) من الأسباب التي تؤدي إلى نشوء التشدد و التطرف في المجتمعات المحافظة .." فتجدهم يدخلون فيها كل ما أشكل عليهم من مستجدات الحياة بمتغيرات علومها و ضروريات معيشتها ( بالمنع و الغلق ) تحت قاعدة سد باب الذرائع .." الذي أخذ منحى مفرط و غير عقلاني ؟؟

ولكي يتضح الأمر .." نضرب مثالا على ذلك :

فنستحضر .." قيادة المرأة للسيارة ( لتكون في حكم نفسها و أمان إرادتها ) و من المعلوم أن المنع في الفتوى لا يقع على قيادة المرأة للسيارة ( بحد ذاته ) بل لما قد يجلبه من مضار ناتجة عنه .." حسب رأي المتحججين بقاعدة ( سد باب الذرائع ) و لتفنيد تلك الأضرار التي يتحجج بها الممانعون .." خاصة فيما يمكن أن تتعرض له المرأة من مضايقات ( كالتحرش و السرقة و نحو ذلك ) من بعض السفه و المرضى و اللصوص (( وهذا هو لب الموضوع )) بالإضافة إلى خشيتهم من أن تكون قيادة المرأة للسيارة مقدمة إلى ما بعدها ؟؟

فنقول مستعينين بالله ( مسترشدين بهديه ) :

أولا : أن خلوة المرأة مع السائق الأجنبي ( أعظم ضرر من قيادتها بنفسها ) وذلك على المستوى الديني و الأخلاقي و الثقافي و الاجتماعي و الاقتصادي و الأمني .." و أن التوجس و التخوف من أضرار التحرش و نحوه ( يمكن معالجته بالتوعية مع الأنظمة الحازمة لمكافحته ) ؟!

ثانيا : أن التخوف من التحرش ( بهذا التهويل ) يهين المجتمع في شبابه .." وكأنهم عديمي المروءة و الشهامة ( وأن المرأة في نظرهم ) مجرد وعاء غرائزي !! و قد نشئوا منذ الصغر على أيدي المؤسسات الدينية و التربوية المحافظة ؟!

ثالثا : أن ( الممانعون ) يناقضون أنفسهم .." فبدل أن يعترفوا بتقصيرهم في غرس القيم الأخلاقية ( في الحقوق و المعاملات ) و يعتذروا عن ممارساتهم القمعية السابقة .." نجدهم يتخذون من التراجع الأخلاقي و التخلف الحضاري ( ذريعة لمنع المرأة من حقوقها الأساسية ) و كأنهم فرحون بهذا التراجع و التخلف ؟؟

وما ذاك إلا عنصرية ضد المرأة ( ولا علاقة له بالدين ) إلا ما ألبس باسمه و أدخل عليه ما ليس منه .." وكان الأولى بهم التأكيد على أهمية الغرس التربوي و الوعي الثقافي ( مع الحاجة لسن التشريعات النظامية التي تحمي المرأة و تصون كرامتها ) إن كانوا صادقين .." وليس التحجج بتفريطهم فيما أوكل إليهم القيام به ( بسبب تعاملهم المتشدد و العنيف بالإكراه و القسر مع المنع و الغلق ) الذي لا يجلب إلا التراجع الأخلاقي و التخلف الحضاري ؟!

رابعا : أن منع إنسان من ممارسة حقه ( تخوفا ) من إساءة غيره ؟! ( ظلم محض ) لأنه يعاقب البريء بذنب المسيء .." فكيف يمنع إنسان من حقه بسبب سوء تصرف ( قد يقع من غيره ) !!

خامسا : أن المبالغة في التعامل مع سد باب الذرائع بهذا الشكل .." قد يوصل المجتمع ( ان لم يكن قد أوصلها ) إلى منطقة خطرة من التشدد و التزمت و التعصب المؤدي إلى التطرف ؟؟

سادسا : أن الإفراط ( بالغلق و المنع ) بحجة سد باب الذرائع .." يخلط بين الأقدار و ما هو من طبيعة الحياة و شئونها و حوادثها ( وإلا فما الفرق ) بين من يقول بمنع حق خشية التعرض للضرر .." وبين من يقول ( لا تركب السيارة فقد يقع حادث ) ولا تصعد على السلم فقد تقع .." فيصل التطرف إلى درجة الدروشة و الغياب التام للعقل ( فيأتي متزمتون لدرجة الظلمة الحالكة ) فيقولون .." ما دمت معرف للفتنة في هذه الحياة و قد تزل قدمك ( و الاحوط أن تموت ) !!

سابعا : أن القفز على النوايا .." في منع المرأة من قيادة السيارة ( خوف من أن يفضي إلى ما هو أعظم منه ) كمن يمنع إنسان من أن يمارس حقه .." خوف من أن يفضي ذلك ( إلى مطالبته بأمر ليس من حقوقه ) فذلك أخلال بمعايير العدالة و الحقوق .." وكأن الناس في غابة لا يوجد فيها أنظمة و لا قوانين ( تحكم مجريات الحياة ) ؟؟

وآخر وليس أخيرا .." هل يعتبر ( الممانعون ) أن خروج المرأة .." لقضاء حاجاتها المعيشية ( وهي تمشي على قدميها ) في هذا العصر .." أ امن لها من المتحرشون و اللصوص ( من أن تقود سيارتها ) مصانة محتشمة معززة مكرمة ؟؟

إن أي ممارسة تنتهك الحقوق الأساسية و تتعدى على الكرامة الإنسانية .." لا تعتبر من العرف في شيء ( فالتعصب يعمي البصيرة ) و التشدد جمود يخنق الحياة .." قال تعالى : إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون.
 
من مقالة للدكنور عيسى الغيث .

قيادة المرأة ... من صنع فتاوى التحريم ؟!!

                                                          قيادة المرأة ... من صنع فتاوى التحريم  ؟!!

في عام 1991م قادة مجموعة من الفتيات السعوديات السيارة بأسلوب استفزازي لكل من النظام الحاكم والمجتمع لسعودي!!.

استفزازي لأنها صنعت بطريقة مظاهرة نسائية وهكذا صورها العالم في حينه والمظاهرات محرمة في شريعتنا لأن مفهومها ومدلولها الخروج على النظام الحاكم والتمرد على طاعته.

واستفزازي للمجتمع لأنه لأنها ليست من عاداته ومألوفاته وليست من عرفه وأخلاقياته ولأن المرحلة كانت مرحلة وصاية الكثير من المتدينين المتأثرين ببعض أفكار الجماعات الإسلامية الوافدة والتي لا تخلو من تطرف أو غلو على عقولنا وأفكارنا  فكانت النتيجة غضب شعبي عارم.

وقتها كان لزاما علينا إيجاد فتاوى من شخصيات علمية كبيرة ومعروفة وموثوقة كي توقف مثل هذه المهاترات عند حدها فتمت صناعة الفتاوى بصناعة أسئلتها وعرضها على بعض العلماء الكبار والمساهمة الفاعلة في الإجابة على الأسئلة.

نعم نحن صنعنا أسئلة تحريم قيادة المرأة ونحن ساهمنا في الإجابة عليها إذ لو ترك الأمر لأصحاب الفتاوى دون إملاء لأفتوا بالجواز لأنه لا يوجد دليل من كتاب الله تعالى ولا سنة رسوله ولا أقوال الصحابة ولا القياس ما يدل على التحريم!!!.

والسؤال هنا كيف صنعنا وساهمنا ؟!!

الحكم على الشيء فرع عن تصوره هذه قاعدة فقهية والذين تولوا إصدار الفتاوى بالتحريم لم يرو بأعينهم المفاسد التي سوف تترتب على قيادة المرأة السعودية للسيارة فالمرأة عندنا  لم تقد بعد حتى تظهر المفاسد وبناء عليها تبنى الفتوى وأصحاب الفتوى لم يسافروا خارج الوطن بل لا يملكون جوازات سفر كي يحكموا ويفتوا بما رأوا في الدول التي تقود فيها المرأة فمن الذي صور لهم مفاسد قيادة المرأة للسيارة ؟!!

ربما وجد بعض المفاسد لقيادة المرأة السعودية للسيارة في ذلك الوقت مع أنني أعتقد أن ثمة  تهويل ومبالغة كبيرة في القضية ومحاولة البحث عن مفاسد في كل مكان لمنعها وحرمانها.

وأقول إن مفاسد عدم قيادة المرأة السعودية للسيارة اليوم تفوق بكثير مفاسد قيادتها لسياراتها بنفسها وسوف أتناول ذلك بشيء من التفصيل.

قالوا في قيادتها سوف تخلع الحجاب وتتبرج وأنا أتعجب من هذه الشبهة التافهة حقيقة إذ أن مسألة تغطية الوجه للمرأة مختلف فيها عند كبار الفقهاء ومن النساء اليوم وبدون قيادة سيارة من تكشف وجهها وتخلع حجابها ولا يملك ونحن نرى في دول مجاورة المرأة تقود بحجابها ونقابها ولا ترى من جسدها ووجهها وأيديها قدر أنملة فمن أرادت عدم كشف وجهها للآخرين لن تكون القيادة سببا فيه بأي حال لأنها وهي تقود تنظر بعينيها ونقابها لا يعوقها عن القيادة.

قالوا سوف تتعرض للكثير من الملاحقات والمضايقات من قبل بعض المراهقين والجواب أننا محكومون بنظام والنظام بقوته وسلطته وحزمه ورجاله يستطيع إن شاء وضع خطوط حمراء ومن تجاوزها لا يلوم إلا نفسه والنظام معذور بإيقاع أي عقوبة يرى أهميتها ثم نحن لدينا ولله الحمد محاكم شرعية نفتخر بها فمن تتعرض لمضايقة فعليها التقدم بشكوى وحينما يسجن المعتدي ويجلد فلن تتكرر التجربة مع آخرين.

قالوا قيادتها تسبب مزيدا من الزحام في الطرق والجواب أننا نعيش في المدن الكبرى ازدحاما عجيبا والمرأة لم تقود السيارة بعد ويمكن التأسي ببعض الدول المتقدمة في حل هذه الإشكالية ومن ذلك وجود أكثر من طريق دائري للمدن الكبرى وتفعيل خدمة الباصات والقطارات داخل المدن الكبرى.

قالوا ربما حصل للسيارة عطل في الطريق مما يوقعها في حرج شديد والجواب أن العطل للسيارة قليل الحدوث إن لم يكن معدوم وعليكم التأكد من الطرق الدائرية ورصد عدد السيارات المعطلة كما يمكن إيجاد عناصر نسائية تقوم بخدمتها ولو حصل ذلك فعلا فما ذا يترتب من المفسدة حينما يقوم رجل بمساعدتها أمام نظر المارة أجمعين .

وبالنسبة لرخصة القيادة فيمكن تخصيص عنصر شرطة نسائي يتولى ذلك ويتولى إصدار المخالفة لمن ترتكب مخالفة كما هو الحال حاليا في بطاقة أحوال المرأة والتي نجحت نجاحا غير مسبوق.

قالوا في قيادتها ترك الحبل لها على الغارب تذهب حيث شاءت ومتى شاءت وأين شاءت وتعود كيف شاءت ومتى شاءت والجواب أن الكثير من نسائنا اليوم ومع السائق يخرجن متى شئن وأين شئن ويعدن متى شئن دون محاسبة أو سوء ظن فما الفرق ؟!

 أما مفاسد عدم قيادتها فهي كثيرة من أهمها خلوة الكثير من نسائنا في ذهابهن وإيابهن مع السائقين الأجانب وللضرورة القصوى فهل هذه الخلوة جائزة في نظر من أفتوا بالتحريم وأيهما أعظم مفسدة قيادتها أم خلوتها ؟! إلا أن تقوم برضاعته فربما ؟!!.

أيضا من المفاسد دخول بعض السائقين لمنازلنا مع غياب ولي الأمر وبحجج خدمة العائلة أوتنظيف المنزل فهل يؤمن رجل أجنبي أعزب على نسائنا ؟!! لا أظن ذلك حتى يؤمن الذئب على الغنم ؟! .

من المفاسد كذلك أن جميع سائقي باصات  نقل الطالبات في جميع المراحل الدراسية من صنف الرجال وبعضهم أجانب ويشترط معه محرمه مما يترتب عليه مضاعفة تصدير أموالنا وثرواتنا لبلدان هؤلاء وهذه المبالغ تصل لمليارات الريالات فهل هم أحوج إليها وأحق بها من وطننا ومواطنينا ؟!! ولو قادت المرأة لتم الاستغناء إلزاما عن جميع السائقين الأجانب لباصات الطالبات وتم توظيف سائقات سعوديات وهذا في نظري مهم للغاية حيث القضاء على بطالة الكثيرات من خريجات الثانوية العامة واللواتي يحتجن للقمة عيش يسددن بها ريقهن ومن يقمن بإعالتهم .

أليس من المفاسد ما تعرض له العديد من المعلمات أو الطالبات من بعض السائقين الأجانب أو غير الأجانب من محاولات عبث بأعراضهن وابتزازهن والجهات الأمنية ومؤسسات الحسبة لديها الكثير من الشواهد ؟!!

أليس من المفاسد اضطرار بعض النساء للركوب مع سيارات الأجرة مما ترتب عليه حوادث اغتصاب وابتزاز والمؤسسات الأمنية لديها كذلك الكثير من الشواهد والأدلة ؟!!

أليس من المفاسد والإضرار بالوطن وثرواته والمواطن إلزامه باستقدام سائق أجنبي يدفع معه جزءا ضخما من مرتبه للتأشيرة ومكاتب الاستقدام ومرتبات السائق والكثير ربما يضطر للاقتراض لهذا الإجراء؟!!.

أليس من المفاسد أن يهمل ويضيع الكثيرون من الموظفين مسئولياتهم الوظيفية فيحضر متأخرا ويخرج من عمله مبكرا كل يوم وبدعاوى وحجج إيصال الأولاد والأهل لمدارسهم ووظائفهم وإرجاعهم؟!!.

أليس من المفاسد إشغال الرجل اضطرارا بمشاويره العائلية الكثيرة والمتكررة والضرورية جدا على حساب أنشطة ولجان أعمال تخدم الوطن وتنمي اقتصاده وثرواته ؟!! بينما لو ساقت المرأة لكفته زوجته الكثير من مثل هذه الخدمات والمشاوير واسألوا من درسوا خارج البلاد كيف كانت زوجاتهم يساعدن بجميع خدمات المنزل والأولاد.

أنا لست هنا في مقام تقييم فتاوى كبار العلماء في تلكم الحقبة الزمنية أو الاعتراض عليها فهم مجتهدون مأجورون ولكن وكما أن فتوى التحريم كانت مبنية على مصالح ومفاسد ربما كانت موجودة أو بعضا منها في تلكم الفترة الزمنية ولكل زمن ظروفه وأحواله وثقافته وضرورياته وكما أن الضرورة تبيح المحرمات فالزمن اليوم تغير والبشر كذلك تغيروا والثقافة والمجتمعات تغيرت وأعتقد أننا بحاجة ماسة لإعادة قراءة الفتاوى ولنساهم أيضا بصياغة أسئلتها ولنساهم نحن بالإجابة على الأسئلة مساهمة تبيح للمرأة شرعا ونظاما قيادة السيارة ووفق نفس القاعدة دراسة المفاسد والمصالح من قبل كبار العلماء وكبار مشاهير الدعاة ويسبق ذلك ضرورة مضاعفة تثقيف وتوعية المواطن بإيجاد حملات إعلامية وتوعوية مكثفة تتضمن القيود الشرعية والأمنية والأخلاقية لقيادة المرأة وتتضمن بيان الخطوط الحمراء وتتضمن العقوبات لمن يتجاوزها والله تعالى يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن .

 والله تعالى من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء الصراط ،،،


                                     د. إبراهيم بن عبد الله المطلق

السبت، 23 يوليو 2011

موضي تتجول في شوارع الرياض على حمار

الأربعاء 15 ربيع الآخر 1431 ـ 31 مارس 2010 العدد 3470 ـ السنة العاشرة
ظلت موضي، تلك المديرة الناجحة في إحدى ثانويات مدارس الرياض تناضل على مدار السنوات الخمس الماضية لإقناع المعنيين بأن قيادة السيارة حق للمرأة قبل أي شيء آخر مثلما هي حق للرجل، وتقدم البراهين واحداً بعد الآخر على أن المصالح التي ستتحقق من عدم منعها من مزاولة حقها أهم وأكثر من المحاذير، ولكنها على الرغم من كثافة جهودها لم تنجح في مساعيها، فقررت محاولة الإقناع بطرق عملية، فبدأت بقيادة السيارة فعلاً في شوارع مدينة الرياض، وحين فعلت هذا في المرة الأولى حملت معها رخصتها الدولية، وأبرزتها لرجال الأمن عندما أوقفوها، وعندما لم يقتنعوا دخلت معهم في حوار طويل حاولت من خلاله أن تثبت لهم أن الحجج التي يستندون لها في منعها أَوْهَىْ من خيط العنكبوت، وعندما لم يُجْدِ كل هذا نفعاً، وتمسكوا بالقول إن وجود السائق معها هو لحمايتها، وتحمُّل الأعباء عنها إذا تعطلت السيارة، قالت: حسناً.. سنرى.
وبعد عدة أيام قادت سيارتها مرة أخرى وفي هذه المرة اصطحبت معها في المرتبة الخلفية سائقها، وقد ظن رجال الأمن عندما حاصروها وكذلك الشباب الذين طاردوها أن من معها في المرتبة الخلفية هو (البودي جارد) بغرض مواجهة كل من يعترض طريقها، ولذلك فقد اندهش الجميع عندما نزلت موضي من السيارة ونزل معها السائق وانكشف الأمر، وقد قالت موضي لرجال الأمن إنها أخذت معها سائقها كي يحميها وليساعدها في حالة تعرض السيارة للأعطال، وعندما نظر رجال الأمن لبعضهم مندهشين قالت أليست هذه هي حجتكم في منعي من القيادة في المرة الماضية؟ وطلبت منهم فسح الطريق لها لتواصل السير.. وعندما رفضوا، قالت ما حجتكم الآن؟ لديَّ رخصة دولية، والسائق معي في السيارة، وأنا أقدر منه على القيادة، وَأَعْرَفُ بشوارع مدينتي، وأتحدث العربية وهو لا يستطيع، فلماذا تريدون أن أجلس أنا في المرتبة الخلفية وأترك القيادة، ويحل هو محلِّي..؟ ولكن رجال الأمن لم يأبهوا بحججها، وقالوا أنتِ ممنوعة من قيادة السيارة.. وأمروها بالركوب في المرتبة الخلفية وترك القيادة للسائق.. فامتثلت.. وركبت في الخلف وهي تقول حسناً.. سنرى.
بعد عدة أيام قامت موضي بمحاولة أخرى من نوع آخر فقادت (سيكل) في شارع التخصصي، وأحدثت ضجة كبرى، ودخلت مع سيارات الأمن في عملية مطاردة مضحكة لقدرة السيكل على النفاذ بين السيارات والعبور للشوارع الفرعية بسرعة، ولكن في النهاية تمكن رجال الأمن من محاصرتها وإجبارها على النزول، ومع أنها ذكَّرتهم بمنعها من قيادة السيارة وألقت عليهم خطبة عصماء غاضبة فقد وجدت نفسها مضطرة للتخلي أيضاً عن هذه الطريقة وبدأت تفكر في أسلوب آخر.
منذ عدة أيام اهتدت لتلك الطريقة الأخرى، فاشترت حماراً، وركبته بعد المغرب، واتجهت لطريق العليا لقربه من منزلها، وعندما دخلت الشارع عبر أحد الطرق الفرعية كان خبرها قد بدأ ينتشر عبر رسائل الجوال، إذ ارتفع رنين الجوالات للإبلاغ بأن موضي (المشهورة لدى الجميع) بدأت تتجول في شارع العليا على حمار.
وكالعادة في كل مرة تقوم فيها موضي بمحاولاتها الاحتجاجية المثيرة تكاثرت السيارات حولها، وأحاط بها الشباب، وبدأ الصفير، وحصل (الهرج والمرج) فازدحم الشارع بالسيارات، وارتبك السير، بل توقف تقريباً، وبلغ الخبر السلطات الأمنية فجاءت الدوريات، وكانت موضي حينئذ تقود حمارها في الشارع بين السيارات المتوقفة، وحين لاحظت وصول رجال الأمن، خرجت من الشارع إلى الرصيف، ونزل بعض رجال الأمن من سياراتهم واعترضوا طريقها، وأوقفوا حمارها، وبدأوا حواراً عاصفاً معها:
رجل أمن: خير إن شاء الله.. الظاهر إنك خبلة.
موضي: ليه كفى الله الشر..؟؟
رجل الأمن: وش هاللي تسوينه..؟؟
موضي: أنا سويت شي غلط..؟؟
رجل الأمن: الغلط راكبك من راسك إلى ساسك.
موضي: يالله بس وخِّر عن طريقي.. أنت مالك حق تمنعني.
رجل الأمن: إلا لي حق... ما أنتِ شايفة وش سويتي..؟؟ ما أنتِ شايفة هالزحمة والربكة في الشارع..؟؟
موضي: وأنا وش دخلِّني.. اسأل هالمراجيج اللي يمشون وراي ويُصَفِّرُونَ.. أنا أستخدم وسيلة مواصلات.. منعتوني من السيارة، والسيكل، وبعد تبي تمنعوني من الحمار..؟؟
رجل الأمن: (وهو ينظر لزملائه) وش هالنشبه..؟؟ وش نسوَّي معها..؟؟
موضي: يالله بس أبعد عني.. أبمشي على الحمار كل يوم مثل الصحابيات في عصر النبوة.. هاه.. تنكر حتى على الصحابيات..؟؟
رجل الأمن: لا.. أستغفر الله.. بس الزمن تغيّر..
موضي: وش تغير فيه..؟؟ المفروض يكون تغيِّر للأحسن..
رجل الأمن: صح.. تغير للأحسن.. الآن الشوارع مهيئة للسيارات مهوب للحمير.
موضي: بس أنتم منعتوني من استخدام السيارة وحتى السيكل... ليه أنا ما لي حق في استخدام المواصلات.... مانيب إنسان..؟؟ يالله بس وخِّر عن طريقي.. هو عندكم نظام يمنعني من ركوب الحمار...؟؟
رجل الأمن: لا ما عندنا نظام.
موضي: هي قيادة الحمار تبي رخصة...؟؟
رجل الأمن: لا.. ما تبي رخصة.
موضي: طيب خلاص أبعد عن طريقي.
كان قد تحلق خلق كبير على موضي ورجال الأمن يتابعون هذا الحوار المثير، وقد بدأ بعضهم يتدخل، بعضهم ينكر على رجال الأمن منعها، وبعضهم يحضهم على إنزالها بالقوة وإنهاء المهزلة، ويبدو أن الخبر قد وصل لأصحاب القرار، إذ تكاثرت الاتصالات على رجال الأمن المعترضين طريق موضي، وحصلت تفاهمات، انسحب بعدها رجال الأمن من الموقع، فواصلت موضي سيرها وهي تقول لهم.. سأركب حماري كل يوم وسأطالب السلطات بترتيب أماكن بجوار الأسواق لوقوفه فهذا حقي طالما تم منعي من استخدام السيارة.. ونزلت من الرصيف للشارع، وواصلت سيرها وسط التصفيق والصفير، ثم انحرفت يميناً في طريق جانبي واتجهت نحو منزلها وهي تفكر فيما ستفعله في اليوم التالي.