الجمعة، 29 يوليو 2011

قيادة المرأة للسيارة ( بين الذرائع و الحقوق )

يعتبر الإفراط في التعامل مع قاعدة ( سد باب الذرائع ) من الأسباب التي تؤدي إلى نشوء التشدد و التطرف في المجتمعات المحافظة .." فتجدهم يدخلون فيها كل ما أشكل عليهم من مستجدات الحياة بمتغيرات علومها و ضروريات معيشتها ( بالمنع و الغلق ) تحت قاعدة سد باب الذرائع .." الذي أخذ منحى مفرط و غير عقلاني ؟؟

ولكي يتضح الأمر .." نضرب مثالا على ذلك :

فنستحضر .." قيادة المرأة للسيارة ( لتكون في حكم نفسها و أمان إرادتها ) و من المعلوم أن المنع في الفتوى لا يقع على قيادة المرأة للسيارة ( بحد ذاته ) بل لما قد يجلبه من مضار ناتجة عنه .." حسب رأي المتحججين بقاعدة ( سد باب الذرائع ) و لتفنيد تلك الأضرار التي يتحجج بها الممانعون .." خاصة فيما يمكن أن تتعرض له المرأة من مضايقات ( كالتحرش و السرقة و نحو ذلك ) من بعض السفه و المرضى و اللصوص (( وهذا هو لب الموضوع )) بالإضافة إلى خشيتهم من أن تكون قيادة المرأة للسيارة مقدمة إلى ما بعدها ؟؟

فنقول مستعينين بالله ( مسترشدين بهديه ) :

أولا : أن خلوة المرأة مع السائق الأجنبي ( أعظم ضرر من قيادتها بنفسها ) وذلك على المستوى الديني و الأخلاقي و الثقافي و الاجتماعي و الاقتصادي و الأمني .." و أن التوجس و التخوف من أضرار التحرش و نحوه ( يمكن معالجته بالتوعية مع الأنظمة الحازمة لمكافحته ) ؟!

ثانيا : أن التخوف من التحرش ( بهذا التهويل ) يهين المجتمع في شبابه .." وكأنهم عديمي المروءة و الشهامة ( وأن المرأة في نظرهم ) مجرد وعاء غرائزي !! و قد نشئوا منذ الصغر على أيدي المؤسسات الدينية و التربوية المحافظة ؟!

ثالثا : أن ( الممانعون ) يناقضون أنفسهم .." فبدل أن يعترفوا بتقصيرهم في غرس القيم الأخلاقية ( في الحقوق و المعاملات ) و يعتذروا عن ممارساتهم القمعية السابقة .." نجدهم يتخذون من التراجع الأخلاقي و التخلف الحضاري ( ذريعة لمنع المرأة من حقوقها الأساسية ) و كأنهم فرحون بهذا التراجع و التخلف ؟؟

وما ذاك إلا عنصرية ضد المرأة ( ولا علاقة له بالدين ) إلا ما ألبس باسمه و أدخل عليه ما ليس منه .." وكان الأولى بهم التأكيد على أهمية الغرس التربوي و الوعي الثقافي ( مع الحاجة لسن التشريعات النظامية التي تحمي المرأة و تصون كرامتها ) إن كانوا صادقين .." وليس التحجج بتفريطهم فيما أوكل إليهم القيام به ( بسبب تعاملهم المتشدد و العنيف بالإكراه و القسر مع المنع و الغلق ) الذي لا يجلب إلا التراجع الأخلاقي و التخلف الحضاري ؟!

رابعا : أن منع إنسان من ممارسة حقه ( تخوفا ) من إساءة غيره ؟! ( ظلم محض ) لأنه يعاقب البريء بذنب المسيء .." فكيف يمنع إنسان من حقه بسبب سوء تصرف ( قد يقع من غيره ) !!

خامسا : أن المبالغة في التعامل مع سد باب الذرائع بهذا الشكل .." قد يوصل المجتمع ( ان لم يكن قد أوصلها ) إلى منطقة خطرة من التشدد و التزمت و التعصب المؤدي إلى التطرف ؟؟

سادسا : أن الإفراط ( بالغلق و المنع ) بحجة سد باب الذرائع .." يخلط بين الأقدار و ما هو من طبيعة الحياة و شئونها و حوادثها ( وإلا فما الفرق ) بين من يقول بمنع حق خشية التعرض للضرر .." وبين من يقول ( لا تركب السيارة فقد يقع حادث ) ولا تصعد على السلم فقد تقع .." فيصل التطرف إلى درجة الدروشة و الغياب التام للعقل ( فيأتي متزمتون لدرجة الظلمة الحالكة ) فيقولون .." ما دمت معرف للفتنة في هذه الحياة و قد تزل قدمك ( و الاحوط أن تموت ) !!

سابعا : أن القفز على النوايا .." في منع المرأة من قيادة السيارة ( خوف من أن يفضي إلى ما هو أعظم منه ) كمن يمنع إنسان من أن يمارس حقه .." خوف من أن يفضي ذلك ( إلى مطالبته بأمر ليس من حقوقه ) فذلك أخلال بمعايير العدالة و الحقوق .." وكأن الناس في غابة لا يوجد فيها أنظمة و لا قوانين ( تحكم مجريات الحياة ) ؟؟

وآخر وليس أخيرا .." هل يعتبر ( الممانعون ) أن خروج المرأة .." لقضاء حاجاتها المعيشية ( وهي تمشي على قدميها ) في هذا العصر .." أ امن لها من المتحرشون و اللصوص ( من أن تقود سيارتها ) مصانة محتشمة معززة مكرمة ؟؟

إن أي ممارسة تنتهك الحقوق الأساسية و تتعدى على الكرامة الإنسانية .." لا تعتبر من العرف في شيء ( فالتعصب يعمي البصيرة ) و التشدد جمود يخنق الحياة .." قال تعالى : إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون.
 
من مقالة للدكنور عيسى الغيث .

قيادة المرأة ... من صنع فتاوى التحريم ؟!!

                                                          قيادة المرأة ... من صنع فتاوى التحريم  ؟!!

في عام 1991م قادة مجموعة من الفتيات السعوديات السيارة بأسلوب استفزازي لكل من النظام الحاكم والمجتمع لسعودي!!.

استفزازي لأنها صنعت بطريقة مظاهرة نسائية وهكذا صورها العالم في حينه والمظاهرات محرمة في شريعتنا لأن مفهومها ومدلولها الخروج على النظام الحاكم والتمرد على طاعته.

واستفزازي للمجتمع لأنه لأنها ليست من عاداته ومألوفاته وليست من عرفه وأخلاقياته ولأن المرحلة كانت مرحلة وصاية الكثير من المتدينين المتأثرين ببعض أفكار الجماعات الإسلامية الوافدة والتي لا تخلو من تطرف أو غلو على عقولنا وأفكارنا  فكانت النتيجة غضب شعبي عارم.

وقتها كان لزاما علينا إيجاد فتاوى من شخصيات علمية كبيرة ومعروفة وموثوقة كي توقف مثل هذه المهاترات عند حدها فتمت صناعة الفتاوى بصناعة أسئلتها وعرضها على بعض العلماء الكبار والمساهمة الفاعلة في الإجابة على الأسئلة.

نعم نحن صنعنا أسئلة تحريم قيادة المرأة ونحن ساهمنا في الإجابة عليها إذ لو ترك الأمر لأصحاب الفتاوى دون إملاء لأفتوا بالجواز لأنه لا يوجد دليل من كتاب الله تعالى ولا سنة رسوله ولا أقوال الصحابة ولا القياس ما يدل على التحريم!!!.

والسؤال هنا كيف صنعنا وساهمنا ؟!!

الحكم على الشيء فرع عن تصوره هذه قاعدة فقهية والذين تولوا إصدار الفتاوى بالتحريم لم يرو بأعينهم المفاسد التي سوف تترتب على قيادة المرأة السعودية للسيارة فالمرأة عندنا  لم تقد بعد حتى تظهر المفاسد وبناء عليها تبنى الفتوى وأصحاب الفتوى لم يسافروا خارج الوطن بل لا يملكون جوازات سفر كي يحكموا ويفتوا بما رأوا في الدول التي تقود فيها المرأة فمن الذي صور لهم مفاسد قيادة المرأة للسيارة ؟!!

ربما وجد بعض المفاسد لقيادة المرأة السعودية للسيارة في ذلك الوقت مع أنني أعتقد أن ثمة  تهويل ومبالغة كبيرة في القضية ومحاولة البحث عن مفاسد في كل مكان لمنعها وحرمانها.

وأقول إن مفاسد عدم قيادة المرأة السعودية للسيارة اليوم تفوق بكثير مفاسد قيادتها لسياراتها بنفسها وسوف أتناول ذلك بشيء من التفصيل.

قالوا في قيادتها سوف تخلع الحجاب وتتبرج وأنا أتعجب من هذه الشبهة التافهة حقيقة إذ أن مسألة تغطية الوجه للمرأة مختلف فيها عند كبار الفقهاء ومن النساء اليوم وبدون قيادة سيارة من تكشف وجهها وتخلع حجابها ولا يملك ونحن نرى في دول مجاورة المرأة تقود بحجابها ونقابها ولا ترى من جسدها ووجهها وأيديها قدر أنملة فمن أرادت عدم كشف وجهها للآخرين لن تكون القيادة سببا فيه بأي حال لأنها وهي تقود تنظر بعينيها ونقابها لا يعوقها عن القيادة.

قالوا سوف تتعرض للكثير من الملاحقات والمضايقات من قبل بعض المراهقين والجواب أننا محكومون بنظام والنظام بقوته وسلطته وحزمه ورجاله يستطيع إن شاء وضع خطوط حمراء ومن تجاوزها لا يلوم إلا نفسه والنظام معذور بإيقاع أي عقوبة يرى أهميتها ثم نحن لدينا ولله الحمد محاكم شرعية نفتخر بها فمن تتعرض لمضايقة فعليها التقدم بشكوى وحينما يسجن المعتدي ويجلد فلن تتكرر التجربة مع آخرين.

قالوا قيادتها تسبب مزيدا من الزحام في الطرق والجواب أننا نعيش في المدن الكبرى ازدحاما عجيبا والمرأة لم تقود السيارة بعد ويمكن التأسي ببعض الدول المتقدمة في حل هذه الإشكالية ومن ذلك وجود أكثر من طريق دائري للمدن الكبرى وتفعيل خدمة الباصات والقطارات داخل المدن الكبرى.

قالوا ربما حصل للسيارة عطل في الطريق مما يوقعها في حرج شديد والجواب أن العطل للسيارة قليل الحدوث إن لم يكن معدوم وعليكم التأكد من الطرق الدائرية ورصد عدد السيارات المعطلة كما يمكن إيجاد عناصر نسائية تقوم بخدمتها ولو حصل ذلك فعلا فما ذا يترتب من المفسدة حينما يقوم رجل بمساعدتها أمام نظر المارة أجمعين .

وبالنسبة لرخصة القيادة فيمكن تخصيص عنصر شرطة نسائي يتولى ذلك ويتولى إصدار المخالفة لمن ترتكب مخالفة كما هو الحال حاليا في بطاقة أحوال المرأة والتي نجحت نجاحا غير مسبوق.

قالوا في قيادتها ترك الحبل لها على الغارب تذهب حيث شاءت ومتى شاءت وأين شاءت وتعود كيف شاءت ومتى شاءت والجواب أن الكثير من نسائنا اليوم ومع السائق يخرجن متى شئن وأين شئن ويعدن متى شئن دون محاسبة أو سوء ظن فما الفرق ؟!

 أما مفاسد عدم قيادتها فهي كثيرة من أهمها خلوة الكثير من نسائنا في ذهابهن وإيابهن مع السائقين الأجانب وللضرورة القصوى فهل هذه الخلوة جائزة في نظر من أفتوا بالتحريم وأيهما أعظم مفسدة قيادتها أم خلوتها ؟! إلا أن تقوم برضاعته فربما ؟!!.

أيضا من المفاسد دخول بعض السائقين لمنازلنا مع غياب ولي الأمر وبحجج خدمة العائلة أوتنظيف المنزل فهل يؤمن رجل أجنبي أعزب على نسائنا ؟!! لا أظن ذلك حتى يؤمن الذئب على الغنم ؟! .

من المفاسد كذلك أن جميع سائقي باصات  نقل الطالبات في جميع المراحل الدراسية من صنف الرجال وبعضهم أجانب ويشترط معه محرمه مما يترتب عليه مضاعفة تصدير أموالنا وثرواتنا لبلدان هؤلاء وهذه المبالغ تصل لمليارات الريالات فهل هم أحوج إليها وأحق بها من وطننا ومواطنينا ؟!! ولو قادت المرأة لتم الاستغناء إلزاما عن جميع السائقين الأجانب لباصات الطالبات وتم توظيف سائقات سعوديات وهذا في نظري مهم للغاية حيث القضاء على بطالة الكثيرات من خريجات الثانوية العامة واللواتي يحتجن للقمة عيش يسددن بها ريقهن ومن يقمن بإعالتهم .

أليس من المفاسد ما تعرض له العديد من المعلمات أو الطالبات من بعض السائقين الأجانب أو غير الأجانب من محاولات عبث بأعراضهن وابتزازهن والجهات الأمنية ومؤسسات الحسبة لديها الكثير من الشواهد ؟!!

أليس من المفاسد اضطرار بعض النساء للركوب مع سيارات الأجرة مما ترتب عليه حوادث اغتصاب وابتزاز والمؤسسات الأمنية لديها كذلك الكثير من الشواهد والأدلة ؟!!

أليس من المفاسد والإضرار بالوطن وثرواته والمواطن إلزامه باستقدام سائق أجنبي يدفع معه جزءا ضخما من مرتبه للتأشيرة ومكاتب الاستقدام ومرتبات السائق والكثير ربما يضطر للاقتراض لهذا الإجراء؟!!.

أليس من المفاسد أن يهمل ويضيع الكثيرون من الموظفين مسئولياتهم الوظيفية فيحضر متأخرا ويخرج من عمله مبكرا كل يوم وبدعاوى وحجج إيصال الأولاد والأهل لمدارسهم ووظائفهم وإرجاعهم؟!!.

أليس من المفاسد إشغال الرجل اضطرارا بمشاويره العائلية الكثيرة والمتكررة والضرورية جدا على حساب أنشطة ولجان أعمال تخدم الوطن وتنمي اقتصاده وثرواته ؟!! بينما لو ساقت المرأة لكفته زوجته الكثير من مثل هذه الخدمات والمشاوير واسألوا من درسوا خارج البلاد كيف كانت زوجاتهم يساعدن بجميع خدمات المنزل والأولاد.

أنا لست هنا في مقام تقييم فتاوى كبار العلماء في تلكم الحقبة الزمنية أو الاعتراض عليها فهم مجتهدون مأجورون ولكن وكما أن فتوى التحريم كانت مبنية على مصالح ومفاسد ربما كانت موجودة أو بعضا منها في تلكم الفترة الزمنية ولكل زمن ظروفه وأحواله وثقافته وضرورياته وكما أن الضرورة تبيح المحرمات فالزمن اليوم تغير والبشر كذلك تغيروا والثقافة والمجتمعات تغيرت وأعتقد أننا بحاجة ماسة لإعادة قراءة الفتاوى ولنساهم أيضا بصياغة أسئلتها ولنساهم نحن بالإجابة على الأسئلة مساهمة تبيح للمرأة شرعا ونظاما قيادة السيارة ووفق نفس القاعدة دراسة المفاسد والمصالح من قبل كبار العلماء وكبار مشاهير الدعاة ويسبق ذلك ضرورة مضاعفة تثقيف وتوعية المواطن بإيجاد حملات إعلامية وتوعوية مكثفة تتضمن القيود الشرعية والأمنية والأخلاقية لقيادة المرأة وتتضمن بيان الخطوط الحمراء وتتضمن العقوبات لمن يتجاوزها والله تعالى يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن .

 والله تعالى من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء الصراط ،،،


                                     د. إبراهيم بن عبد الله المطلق