السبت، 30 يوليو 2011

شارعٌ للرجال وآخر للنساء


ريهام زامكة
الموقع: إحدى بوابات مركز تجاري في جدة، يقف عليها رجلا أمن (غلاظ شداد) لا يعرفون من واجبات ومهام وظيفتهم سوى (للعوائل فقط) وممنوع دخول الشباب، ممنوع ممنوع ممنوع!
أحد الشباب مخاطباً رجل الأمن راجياً: دعني أدخل أرجوك، أهلي في الداخل، أرجوك، أرجوك، يرددها كثيرا ذلك الشاب، وسط رفض قاطع وحازم من رجل الأمن الذي يزجره حيناً ويومئ برأسه حيناً آخر،
 ويتدخل من هناك شاب آخر وبتحدٍ مخاطباً هذا الشاب: يا رجل اذهب وأحضر أي (بائعه متجولة) وقدم لها مقابلاً بسيطاً وستدخل، أهم شي تكون لابسة عباءة.لا تقلق فقد فعلتها كثيراً..
 بل إن هناك بعض الفتيات اللاتي يمتهن “إدخال الشباب”!الممعن النظر في مثل هذه الواقعة يعي أننا نعاني من أزمة مزدوجة على الصعيدين الأخلاقي والتنظيمي، بمعنى أننا نمارس كل أشكال الفصل القسري بين الجنسين،
 بدءا من المنزل والمدرسة، وصولا إلى الفصل في المراكز التجارية والشركات وغيرها، حتى بات الإنسان السعودي يعاني أشد حالات الخوف من الجنس الآخر والعكس صحيح،
 ولو أخذنا الموضوع من الناحية التنظيمية فالحل بسيط ويتلخص في أن يبدل رجال الأمن مواقعهم بدلا من أن يكون الوقوف أمام البوابات لحراستها من الشباب ليكونوا متواجدين في داخل المركز التجاري نفسه ليقوموا بالتعامل مع حالة معاكسة أو تحرش ويسن قانون داخلي خاص بتلك المراكز بتوقيع غرامات مالية على المعاكسين وإبلاغ الشرطة في أي حالة تستوجب تدخلهم.
وبما أني دخلت في هذا الموضوع من “بوابة العائلات” دعوني أحكي لكم عن حادثة قرأتها لدكتور أمريكي مُنع من دخول أحد المجمعات التجارية هو وابنه الصغير وقد رأى فتاتين أعمارهما لاتتجاوز 17 عاما تدخلان أمام عينيه للمُجمع،
 فصاح برجل الأمن قائلاً: أنا وابني عائلة، وهو يحمل نفس فصيلة دمي، لكن هاتان الفتاتين الداخلات والخارجات دمائهن مختلفة، وأنت تصرخ (للعوائل فقط)؟! وأنا أرى أنه قد أصبح (للنساء فقط) وانصرف بعدها.تساءلت كثيراً ماذا لو كنت شابا وأردت يوماً أن أتسوق؟! هل من اللازم أن أفعل مثلما يفعل غالبية المراهقين: البحث عن (عباءة) تمنحني تصريحا للدخول بدون مشاكل!
لا أعلم صدقاً لماذا ننمي ثقافة الشك في نفوس أبنائنا، وبدلاً من أن نربيهم على الثقة والفطرة الصحية السليمة! ولا نتبنى فكرة وجوب الفصل بينهم وبين الجنس الآخر، وكأن كلاً منهم من كوكب آخر، يتآكلون إن اجتمعوا،
 ولا يجوز أن نجمع بينهم حتى في المراكز والمجمعات التجارية والشركات وغالبية الأماكن العامة التي هي من حق الجميع.
وكأن المجتمع يطبق قاعدة العقيد القذافي (للمرأة حق التسوق سواءً أكانت ذكرا أم أنثى)!الشك غريزة سلوكية إنسانية مثلها مثل الثقة والأمل والخوف والشجاعة, والغرائز تنمو دائماً مع حاجات الإنسان الأساسية في الحياة,
 وتضمن له توازنه وعيشه السليم, مثل الغرائز الجسدية كالجوع والعطش والشبع لتضمن له سلامته وبقاءه على قيد الحياة. وغرائز الإنسان مفاتيح أمانه وإن فقدت قيمتها قد تنعكس سلباً عليه إذا زاد الأمر عن حده الطبيعي.
أخشى ما أخشاه أن يأتي اليوم الذي نسمع فيه عن تخصيص شارع للرجال وشارع آخر للنساء مع كل هذا الهوس الجنسي وبمباركة من “باب سد الذرائع” الذي لا ينتهي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق