الجمعة، 24 يونيو 2011

الابعاد الاقتصادية لجدل سياقة النساء في السعودية

Arabia_Saudi_womenتفاديا لما قد يصبح موجة عارمة من النساء اللواتي قد يطالبن بحقهن في قيادة السيارات، بادرت السلطات السعودية باعتقال الناشطة منال الشريف، التي تجرأت على قيادة سيارة بل ونشرت تسجيلا يثبت ذلك على الشبكة، لمدة اسبوعين.

ولم يتصور اي سعودي او حتى اي متابع لموضوع قيادة المرأة السعودية للسيارة ان تصل الامور في الجدل الدائر الى حد التهديد بالضرب بالعقال ورمي الاسيد على من ستشارك يوم 17 الجاري بالحملة التي اطلقتها ناشطات سعوديات ودعين فيها الى قيادة جماعية للسيارة من قبل السعوديات. وكانت القيمات على الحملة قد أكدن بأنها قائمة ب"شروط القيادة" ومنها "الالتزام بالحجاب الشرعي" واخبار الاهل والاقارب بالمشاركة في الحملة، كما ذكرن انه يفضل كمرحلة اولى ان يكون لدى المشاركات رخصة سوق دولية وان تتم مرافقة المراة المشاركة في الحملة ،من قبل رجل".

وقالت وجيهة الحويدر، كاتبة وناشطة في مجال حقوق المرأة وهي من قامت بتصوير منال الشريف، أعتقد أن الوضع اليوم ملائم أكثر لتعبئة الاحتجاجات إذ ارتفع عدد النساء العاملات في المملكة وهذا ما يزيد من حاجتهن لقيادة السيارات. الغريب في الأمر أن لا وجود لأي قانون يمنع التساء من قيادة السيارات، بل هي فقط عادة. رغم ذلك، يتم توقيف النساء اللواتي يقدن السيارات ومرافقتهن لمركز الشرطة.

لقد ساهم الملك في تطوير حقوق النساء في المملكة إذ سمح بخلق جامعات مختلطة وسمح للنساء بالتحدث في وسائل الإعلام. آن الأوان اليوم لكي يسمح لنا بقيادة السيارات، أضافت الحويدر.

ان السماح للسعوديات بسياقة المركبات يعني نظرياً الاستغناء عن خدمات نحو 800 ألف سائق أجنبي يعملون في المملكة وهذا بدوره يعني وضع حد لاستنزاف ما مجموعه حوالي  3.5- 4 مليار دولار من الاقتصاد المحلي الى الخارج على شكل تحويلات من قبل هؤلاء السائقين، حسب تقديرات موقع "نقودي.كوم."

بالاضافة لذلك، ان السماح للسعوديات بالسياقة يمنح النساء المزيد من القدرة على التحرك وتسهيل وصولهن وانخراطهن في سوق العمل خاصة اللواتي يحملن شهادات جامعية وحاليا يشكلن أغلبية النساء العاطلات عن العمل في المملكة.

كما وسيدعم السماح للسعوديات بالسياقة من دور هؤلاء في تطوير المبادرات الاقتصادية والتجارية الصغيرة والمتوسطة الحجم وهذا بدوره سيعود بالنفع على القطاع الخاص المحلي.

ان خروج السعوديات للعمل يعزز أيضا من فرص نجاح استراتيجية السعودة الرامية الى توظيف اكبر قدر ممكن من السعوديين خلال السنوات المقبلة.

تمكين السعوديات من السياقة يعني نمو مبيعات المركبات الجديدة في المملكة بما يقارب 100 ألف سيارة في السنة الأولى على الأقل مما يؤثر ايجابا على حجم أعمال مراكز وورش خدمات السيارات ووكالات التأمين مع العلم أنه اثبت عالميا أن السائقات الاناث أكثر حذرا من السائقين الرجال فالنساء متورطات أقل من الرجال في حوادث الطرق ومن هذا المنطلق ستنخفض الخسائر التي تتكبدها المملكة جراء حوادث الطرق. وتعتبر السعودية اكبر دولة في العالم من ناحية عدد وفيات حوادث السيارات (6,485 وفاة في 2009) أما التكاليف السنوية للحوادث فتقترب من 14 مليار ريال سعودي ويتوقع ان تصل الى 19 مليار ريال سعودي في عام 2014.

من الجدير بالذكر، ان منع النساء من القيادة يستند الى فتوى صدرت في 1991، وتم بموجب هذه الفتوى اصدار نظام خاص يحظر على النساء القيادة، وبالرغم من مساندة قسم كبير من السعوديين لمنح المراة هذا الحق، الا ان قسما كبيرا من الجهة الاخرى ما زال على ما يبدو رافضا له لاسباب ثقافية واجتماعية اكثر منها دينية، وتضطر النساء في الكثير من الاحيان الى توظيف سائقين للتنقل، بالرغم من ان النساء يقدن بحكم الامر الواقع في عدد من المناطق الريفية.

ويستند الجناح المتشدد في الحكومة الى رجال الدين الكبار ليدعموا الموقف الرافض لقيادة المراة للسيارة، لكن رجل الدين البارز عبدالمحسن العبيكان، وهو مستشار في الديوان الملكي، اكد مؤخرا في فتوى جديدة ان "قيادة المراة السيارة امر جائز في البر فقط" متمسكا برفض قيادة المراة السعودية "داخل وخارج المملكة".

وأخيرا، ورغم الايجابيات الاقتصادية الجمة التي قد تنجم عن قرار يسمح للمرأة السعودية بقيادة السيارة فان المعارضين لفكرة السماح للنساء بالسياقة يستطيعون ان يقدموا معطيات اقتصادية تعزز موقفهم لكن الجدل حول هذا الموضوع لن يتنهي بذلك لانه مرتبط بقيم ومباديء اجتماعية واخلاقية من الدرجة الأولى.
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق